التديّن الهادئ
هو ذاك التدين الذي لا يتميّز بثوب، و لا بتمسّك بلون، ينخرطُ مع العامّة، و لا يصنعُ من نفسِه خاصّة، و لا يفضَحُ تسبيحه، و لا يرى ضرورة في إخبار جميع من حوله بأنّه صائم، حرقتُه على الأمّة تظهر في أعماله و سهره، لا في اكفهرار وجهه، و عبوسِ ملامحه.!
العامية و الفصحى لديه سواء، و لا يعدُّ استخدام واحدةٍ منهما دون الأخرى معياراً لشيء.! .. فالمهمّ هو الفكرة.
غيرُ جافٍّ و لا مبتور المشاعر، يُمازحُ الجميع، و يضحك بأعلى صوته إن استلزمَ الأمر، و لا يرى في ذلك مَدخلاً للنار.!
يُكافئُ نفسه بعد كلّ نجاح، غيرُ كافرٍ بالدنيا .. لا يكرهها، لا يمقتها .. لا يعلنُ عليها العداوة و الحرب .. لأنّه يدركُ أنّها الطريقُ الوحيدُ الموصلُ للآخرة، و أن لا طريقَ مختصرة لاجتيازها إلا المرورُ فيها، و أنّ عليه أن يبنيها و يعمرها إن أراد الحصول على مكانٍ جيّدٍ في الآخرة.
ليس بالضرورة أن يتكنّى بأسماء الصحابة حتّى يكون مُقتدياً أو ملتزماً ..
لا يحتقرُ نفسه، بل يحترمها، و يدركُ بأنّها تستحقّ ذلك، لأنّ اختيار الله سبحانه وقع عليها من بين سائر المخلوقات، لتقوم بالأمانة، و تحمل الخلافة، و تتحمّل المشروع..
مشروع : "هو أنشأكم من الأرض و استعمركم فيها".
لا يمشي بضعفٍ و خمول، بل بقوّة و ثبات.. و لا يغيبُ عن ساحة مُجتمعه تاركاً صدرها للسُذّجِ و اللا مسؤوليّين.
الخطأ بالنسبة له، سلوكٌ و ليسَ إنساناً .. و بالتالي هو يبغضُ الخطأ لا صاحبه.
ليسَ بالخبّ و لا الخبُّ يخدعه
الكاتب و المفكر الإسلامي
م.محمّد ديرانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق